” لوحةٌ سيرياليةٌ أو قصيدةٌ للأمل واليأس” لسعدون
يقدم سعدون تحفة فنية مؤثرة ومثيرة للتفكير في لوحته الزيتية العمودية الأخيرة. ذلك العملُ العميقُ الأثرِ والغنيُّ بالرمزية يلتقط رحلةَ المهاجرين المؤلمةَ، مجسداً آمالهم والواقع القاسي الذي يواجهونه
فحو اللوحة
تنقسم اللوحة بصرياً إلى ثلاثة أقسامٍ متميزة، كلُّ قسم يروي جزأً من هذه الحكاية المُؤَثَّرة. القسمُ السفليُ مغمورٌ في الأزرق العميق والشامل، يُذَكَّرُ ببحرِ واسعٍ ولا يرحمْ. القسم الأفقي الأوسط مُتَقطعٌّ بأشكالٍ حمراءَ مخيفةً، قاتمةً ومهيبةً، تَطْفُو على حدودٍ غيرِ مَرْئِيةٍ. هذه الأشكالُ، التي تُشْبِهُ بُقَعَ الدَّمِ، تَطفُو على الأُفُقِ، كتذكيرٍ صارخٍ بالرحلة الخطيرةِ التي يقوم بها الكثيرون بحثاً عن حياة أفضل
فوق ذلك، يُمْكِنُ تفسير القسم العلوي على أنه السماءُ المفتوحةُ، تَبَايُنٌ مع الاضطراب أدناه، ومع ذلك مثيرةٌ وعميقةٌ بِنَفْسِ القدرِ. يُمَثِّلُ الوِجْهَةَ، الحُلمَ الذي يدفع هذه الرحلات إلى الأمام، ولكن أيضاً المَجهُولُ الواسعُ الذي يُخَيِّمُ فوق الرؤوس
أكثر العناصر إثارة التي يريد سعدون لنا أن نلاحظها، هما شكلان دائريان موضوعان على جانبي هذا الخط الفاصل. على الجانب الأدنى، دائرة مثالية، تشبه المنشار الذي لا يرحم، ترمز إلى المخاطر والتجارب التي يجب أن يتحملها المهاجرون. هذه الدائرة تبدو مستعدة لتمزيق الأشكال الحمراء الطافية، مجازاً لقسوة رحلتهم. أعلى، في درجات البرتقالي للوحة، دائرة أقل كمالاً، شفافة تسمح بالأزرق السماوي أن يلمح من خلالها. تُوحي بوميض من الأمل، إمكانية الوصول إلى الهدف، لكنها ليست خالية من الغموض
الهدف من وراء الخطوط و الألوان
لوحة سعدون هي تعليق عميق على محنة المهاجرين، كما شرح هو نفسه : تمثل الأشكال الحمراء الداكنة أولئك الذين يحاولون عبور البحار الخطرة بحثاً عن حياة أفضل. تجسد الدائرة السفلية المعاناة والتحديات التي يواجهونها، في حين يتم التقاط عدم اليقين في الرحلة في الدائرة غير المكتملة أعلاه
هذه القطعة ليست مجرد لوحة فقط؛ بل هي قصة عن الصمود واليأس، تذكير حي بالتكلفة البشرية للسعي وراء آفاق جديدة. تدعو أعمال سعدون إلى التأمل في الصراعات التي يواجهها الكثيرون والاعتراف بالنسيج المعقد من الأمل والحزن الذي يجمعنا ذاخل أنسانيتنا المشتركة
