تشهد حقبتنا الزمنية حالة من التغير السريع والخلط، خاصة في مجال الفن، مما يجعل من الضروري التمييز بين “العمل الفني” و”القطعة الفنية” و”الحرفة الفنية”. يمكن تحديد العمل الفني بناءً على خمسة عناصر أساسية، كل منها شرط ضروري ولكن ليس كافيًا بمفرده
الوظيفة غير النفعية
العمل الفني لا يخدم غرضًا عمليًا؛ لا يُستخدم في شيء. هذه السمة تمنحه جمالًا وعظمة وتجعله موضوعًا للرغبة البحتة. ومع ذلك، فإنه يؤدي وظيفة هامة، إذ يُظهر لنا ما لم نره من قبل ويدعونا لمقابلة الجمال، مما يؤثر فينا بصدق الرؤية التي يكشفها. في بعض تيارات الفن المعاصر، حيث لم تعد الجودة الجمالية هي الهدف، نجد أن الوظيفة تتجه نحو الاستفهام أو التمرد أو حتى الاستفزاز البسيط. ولكن، هل يمكن اعتبار الاستفزاز نوعًا من الفن؟ أم أنه غالبًا ما يكون دليلاً على غياب الإلهام؟
لتوضيح هذه النقطة، يمكننا أن ننظر إلى المزهرية. هذا الشيء له وظيفة نفعية، وبالتالي لا يمكنه تلبية هذا الشرط الأول. ومع ذلك، يمكن اعتباره قطعة فنية. بعض الفنانين قد حولوا الوظيفة الأصلية للأشياء إلى أعمال فنية بإضافة شيء من إبداعهم الشخصي
بصمة ذاتية الفنان
يجب أن يحمل العمل الفني بالضرورة أثرًا من ذاتية صانعه. بمعنى أن الفنان، في عمله، يدمغ بصماته أو تصوراته، ورؤيته للعالم، وأحيانًا دون وعي منه. هذا ما يُعرف بالأسلوب، الذي يمكن أن يثير مشكلة التكرار. إن وجود هذا العنصر الذاتي في العمل يضمن أنه سيكون موقّعًا، مما يضمن أصالته.
الإعلان عن العمل كفن
يُعترف بالعمل كفن عندما يعلن صانعه أنه كذلك. هذا الأمر يتماشى مع مقولة جاك لاكان: “المحلل لا يعتمد إلا على نفسه… وقليلين آخرين”. يجب على الفنان أن يقول: “هذا عمل فني” ليكون له فرصة للاعتراف به كفن. يمكن تخيل أن بعض الابتكارات قد تُعتبر فنًا إذا لم تُعتبر وظيفية.
الأبعاد الخارجية للعمل
لأجل أن يُعتبر العمل الفني فنًا، يجب أن يكون مرئيًا من قبل الآخرين؛ بمعنى أن يكون معروفًا لدى عدد من الناس. هنا يكمن عنصر فقدان العمل لحالة الخصوصية، حيث يخرج من العالم الشخصي لصانعه ليصبح موضوعًا للتداول والتبادل. هذا ما أسميه بـ “خروج العمل إلى العلن”.
الاعتراف بالعمل كفن
العمل الفني هو ما يُعترف به كفن من قبل الآخرين، بشرط أن تتوافر الشروط الأربعة السابقة. يُلاحظ هنا أن العمل الفني يدخل في دائرة لغوية، حيث يأتي الاعتراف بعد فترة من خلق العمل ووضعه في التداول.
تلخيص العناصر الخمسة للعمل الفني
وظيفة غير نفعية –
وجود بصمة ذاتية لصانعه، وبالتالي يكون موقّعًا –
الإعلان عن العمل كفن من قبل صانعه –
خروج العمل إلى العلن (الأبعاد الخارجية) –
الاعتراف بالعمل كفن من قبل الآخرين –
هذه العناصر تشكل الصيغة العامة لأي عمل فني