إِنَّ تَصَوُّرالفنانَ سعدونْ للعالم كرسامٍ سرياليْ يُمكننا فهمه كتفاعل معقد بين عقله الباطن والواقع الخارجي، أو كحركةٍ دائمةٍ و مستمرةٍ بين اللاملموسِ والملموسِ. إِنَّ السرياليةَ، في جوهرها، ليست مجرد شكل فني وإنما هي استفسارٌ فَلْسَفِيٌّ عميق حول طبيعة الواقعِ والإدراكِ
عدسة الإدراك المعدلة
أَولاً، يدرك سعدون العالَمَ من خلال عدسة تتحدى المنطق التقليدي والقوانين الفيزيائية. هذا الإدراكُ المعدلُ متأصلٌ في تَعَالِيمِ “سيغموندْ فرويدْ” واستكشافِ العقلِ الباطنِ. ثانيا، تَعكسُ الجودَةُ الحِلمية في عمله تمويهًا متعمدًا للخطوط بين حالته اليقِظة والحلم. فَسَعْدونْ لا يسعى لالتقاط ما يُرى بعينه، وإنما لما يُدْرَك بِعَقْلِه
الرمزية والاستعارة
فبالنسبة لسعدون، الكونُ غنيٌّ بالرموزِ والاستعارات. لهذا تمتلئ في مخيلته الأشياءُ والسيناريوهاتُ العاديةُ بمعانٍ أعمقَ، غالبًا ما تكون مخفية. قد يكون هذا انعكاسًا لحالاته العاطفية الداخلية أو تعليقًا على قضايا اجتماعية أوسع. استخدام الرمزية ليس مجرد اختيار أسلوبي لسعدون، إنه جهد متعمد لِجَذْبِ المشاهد إلى مستوى أعمق من التفسير
استكشاف الغريب
في أعماله، يميل سعدون غالبًا نحو الغريب والعجيب. هناك فضول بما يكمن تحت سطح الاعتياد. من خلال تقديم الأشياء المألوفة في سياقاتٍ غيرِ مألوفة أو دمجِها بطرق مستحيلة، يجبر نا سعدون على إعادة النظر في إدراكاتنا ومعتقداتنا حول العالم المعروف، بمعنى آخر : التفكير فيما نرى
سيولة الزمان والمكان
في أعمال سعدونْ الفنية، يُعامَلُ الزمانُ والمكانُ غالبًا كبنياتٍ قابلةٍ للتشكيل. تسمح هذه السيولةُ بخلق مفارقاتٍ بصريةٍ ومناظر طبيعية مستحيلة. إنها انعكاس لاعتقاد سعدون بأن الواقع ليس كيانًا ثابتًا بل تجربةً ذاتيةً متأثرةً بالعواطف والعقل الباطن
الصدى العاطفي والعمق النفسي
أخيرًا، لا يمكن المبالغةُ في الصدى العاطفي المتواجد ذاخل أعمال سعدون الفنية. كفنان، يغوص سعدون غالبًا في مواضيعِ الرعب الوجودي والنشوة أو العبثية، مما يكشف عن عمق نفسي دَرِيعٍ. فعمله استكشاف للعواطف البشرية والحالات الذهنية بقدر ما هو للجماليات البصرية
بالتلخيص، يمكننا القول أن سعدون يرى العالمَ كلوحة لاستكشاف أعمق أعماق العقل البشري. تتجاوز رؤيته الحَرْفِيَّةُ لتلمس أسرار العقل الباطن، والرمزية، والقوى العاطفية التي تحركنا. فما هو جِدُّ تَعْلِيمِيٍّ في فن سعدون هو أن لوحاته تتحدانا للتَّسَاؤُلِ عن طبيعة الواقع نفسه ومكاننا بذاخله